لستُ متزمتاً ولا منحلاً، ولا متطرفاً ولا شاطحاً.
لا أنتمي لأي حزب، ولستُ محسوباً على أي تيار، ولا أحمل أي فِكر. أحبُ الاعتدال ولا أدّعيه، لكني أسعى لهُ جاهداً ، وأتخذُ الوسطية منهجاً يقودني إليه.
أسير وسط الرصيف لا طرفيه، وأقودُ سيارتي على المسار الأوسط دوماً. ألبسُ مقاساً متوسطاً، وحذائي – أجلكم الله – كذلك. حتى طولي ووزني متوسطان.
يلفتني الجمال المتوسط، الهادئ لا الصارخ، وأستطعم المذاق المعتدل، فلست من هواة شديد الحلاوة ولا بالغ المرارة، ولا الحامض ولا الحرّيف.
ما احترتُ في خياراتي يوماً لأني أنحازُ لأوسطها فوراً.
أن تكون معتدلاً يعني أن تكون منيعاً فلا تتجاذبك الأطراف المتضادة، وأن تكون حصيناً فلا تُخترق بسهولة. أن تسير على الخط الذي رسمتهُ لنفسك، ملتزماً به ولا تحيدُ عنه مهما تشابكت الخطوط أمامك وتخالفت.
والوسطية تقتضي منك أن تنشغل بنفسك، وأن تغض طرفك عن غيرك، فلا تُقلد ولا تتبع، وأيضاً فلا تنتقد ولا تُعيّب. أن تدع الخلق للخالق؛ فلا يضرك من ضل إذا اهتديت، ولست مطالباً بمحاسبتهِ ولا مخولاً بذلك.
الاعتدال لا يعني السلبية، سلبية المواقف وسلبية الأراء، بل أن تسير وفق منهجك الخاص، مع الالتزام بالحياد تجاه المناهج الأخرى، وأن تحافظ على المسافة ذاتها بينك وبين كل واحدٍ منها. لك بالتأكيد آرائك وانطباعاتك تجاهها، لكنك لست معنياً بإظهارها، بل تحتفظ بها لنفسك.
والوسطيةُ تعني أن تُمسك بالعصا من المنتصف، في كُلِّ أمور حياتك. وأن تعيشَ في منطقةٍ وسطى، بعيدة عن الأقطابِ، وبمنأى من التأثرِ بأيٍ منها.
الاعتدالُ قيمةٌ مُثلى، والوسطيةُ أسلوبُ حياة.