– هل أنتِ مستعدة ؟
– منذُ أمدٍ وأنا على استعدادٍ ، منذُ دفعتني الحاجةُ إلى السُكنى في بيتك ،
لم أكمل أسبوعي الأول حين بدأتَ تهددني بهذا المصير !
– أنذهبُ الآنَ ؟
– الآنَ أو بعد قليلٍ لا فرق ،،
هو المصيرُ المحتومُ الذي سيقعُ إن الآنَ أو فيما بعد ،،
لن أهتمَ بتأخيرهِ ، فلستُ أرى مقامي عندكَ يستحقُ العناء !
– دعيني أساعدكِ على ركوبِ السيارة .
– لا حاجةَ لهذا ، سأعتمدُ على نفسي كما كنتُ دوماً ،،
أعرفُ أن مساعدتكَ ليست رفقاً بي ، بل استعجالاً لرحيلي !
– سيعجبكِ المكانُ حتماً .
– وإن لم يعجبني فما الفارق ؟
وكيفَ يعجبني وأنا لم أختارهُ بل فُرضَ عليَّ قسراً !
وهل يُهمكَ هذا الأمرُ أصلاً ؟!
– ستجدينَ هناك من هم في سنك .
– لا أشكُ في ذلك ، فمثلكَ كثرٌ و هم سببُ وجودهم هناك !
– سأزوركِ كلَ يومٍ !
– أنتَ تمزحُ بالتأكيد !
لم تكن تراني إلا شزراً وأنا في بيتكَ ولا يفصلني عنكَ إلا جدارٌ صلبٌ و قلبكَ الأكثر صلابة .
فكيف ستأتيني حين باعدتْ بيننا المسافات ؟!
– ستكونُ زوجتي و أولادي برفقتي .
– هي ستأتي لتطمئنَ على وجودي في المكان الذي أرادتني فيه ،، ثم ستنساني تماماً كما نسيتَ أنتَ كل ما فعلتهُ لكَ منذُ أنجبتك !
– سيفتقدكِ الأولادُ كثيراً .
– ليس بقدر افتقادي لابني الذي ضاعَ في خضمِ شخصٍ لا أعرفهُ ولا أودُ معرفته ،،
حقاً من أنت ؟!!
– سأحضرُ لكِ كل ما تحتاجينهُ .
– بعد حنانكَ الذي لم أجدهُ ،، لا أظنُ أني سأحتاجُ شيئاً !
– ستمضينَ اياماً سعيدة .
– ومن أينَ ستأتي السعادةُ في مكانٍ كلُ شبرٍ فيه يذكرني بعقوقك ؟
وكلُ لحظةٍ أُمضيها فيه تأكلُ من قلبي و تميتني قبل أواني !
– لا تغضبي مني أرجوكِ .
– لم يعد في القلبِ متسعٌ لمزيدِ غضبٍ ،، ولا حتى لحقدٍ أو كراهية ،،
قتلَ مني الحزنَ كلَ ذرةِ احساسٍ و غدا القلبُ خالياً من كلِ شعور ,,
لا تعجب فجحودكَ و نكرانكَ فعلا بفؤادي ما لن تتخيلهُ حتى تذوقهُ من أولادكَ يوماً !
– هيّا فلننزل .
– قُضيَ الأمرُ إذن ؟
حانت اللحظةُ التي أمضيتُ العمرَ كلهُ أخشاها !
ليتني متُ قبلاً ،،
ليتني دُفنتُ في قبري قبل أن أرى وحيدي يدفنني في مكانٍ كهذا !
لن أُعنفكّ ولن أغضبَ عليك ،، فلم أفعل ذلك حينَ كنتُ قويةً وأنتَ الضعيفُ بين يديّ ،، فكيفَ الآنَ وقد تبادلنا الأدوار ؟!
ولن أدعو عليكَ أن يُذيقكَ أبناؤكَ ما ذُقتهُ منك ، ليسَ وأنا على قيدِ الحياةِ على الأقل ، فهذا ما سيعذبني أكثر !
ليت لي صوتاً فأصرخُ في وجه عقوقكَ و أعنفهُ ، ولأرد على تبريراتك الواهية ،، حين أكثرت منها لعلمكَ أنني لا أستطيع الرد عليها ،،
قد فقدتُ صوتي منذ أمد بعيد ،، و أصبح الصمتُ تعبيري الوحيد ،، سيان إن كان الرفض أو الموافقة ،،
سأنزلُ يا بنّيَ و سأريحكُ مني ، و سأظلُ أدعو لكَ كما كنتُ دوماً ،،
لكني سأزيدُ في دعائي أن يرحمكَ اللهُ من تأنيبِ الضمير .. حينَ تُبلغُ ذاتَ يومٍ بوفاتي !!
مؤلمة
لله ماحاكت به قلوب تجرعت أقسى أنواع الجحود ..!
وتالله إن من القلوب ل صخرا..!!
وسيأتي هذا الصخر يوماً أسوداً يذوب منه كمدا